• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الحال لا بد لها من صاحب
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية
علامة باركود

تعقيب على مقالة "قراءة في رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لعبد الإله الفايزي

تعقيب على مقالة قراءة في رسالة في الطريق إلى ثقافتنا لعبد الإله الفايزي
عبدالحميد محمد العمري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2013 ميلادي - 16/3/1434 هجري

الزيارات: 9048

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعقيب على مقالة "قراءة في رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لعبد الإله الفايزي

 

بارك الله فيك أيها الفاضل. وأثابك على جهدك القيم، وهمتك العالية، وحُبِّك أن تفيد الناس مما أفدته من قراءتك، وهو شيء يدفعنا عنه الشيطان والكسل في أغلب الأحيان. فلنا أن نفخر بك في زمن قلما ينتصر فيه على الخمول أحد.

 

وقد أقدمتَ على كتاب من أجلِّ كتب شيخنا أبي فهر -رحمه الله-، فقرأته وأتيت بزبدة ما وجدتَ فيه، لتفتح بذلك قلوب القراء على بحر من العلم؛ إن يكن لك ثواب واحد ممن اهتدى بسببه، فهو خير لك مما طلعت عليه الشمس. ويكفي قراءتَك شرفا أن تُشَوِّقَ القارئ إلى قراءة كتب الشيخ، ليدخل منها إلى تراث أمته، فينهل من ذلك الورد الذي لا ينضب أبدا. فجزاك الله عنا وعن الشيخ خير الجزاء.

 

وقد قرأتُ مقالتك القيمة، فراقتني في مجملها، ووقفت من أشياء فيها موقف المتردد في أخذها، لأني أعرفها على غير هذا الوجه -فيما أرويه عن شيخنا-، فأحببت أن أنبهك إليها. وإنه لعيب -أي عيب!!- أن يتجرأ على المُجِدِّ الكسولُ، وأن يتناول مقالةَ المجتهدِ مَن جهده الفُتُور، ويؤاخذَ الساعيَ على كده الذي لم يبذل من الجهد بعض الذي بذله صاحبه. فإما قبلتَ مني هذه الكلمات، واتخذتني أخا لك، نظر في الذي تكتب، فأعجبه، وأراد أن يكون أحسن؛ فذاك. وإلا، فهي كلمة عابرة. ثم انظر فيها؛ فإن كان فيها علم ينتفع به، فخذها -من أي وجه أتتك-. وإن خلت منه، فدعها، فيد الزمان أسرع إلى مسحها. والعلم لا يثبت فيه إلا ما صح، مهما تكن قامة النازل في ميدانه.

 

1- في اللغة والأسلوب:

• في المقالة بعض الأخطاء اللغوية، أجد واجبا أن أنبه عليها - على قلتها -، حرصا على أن تأتي المقالة في أحسن حلة أيضا. فمن ذلك:

• "بعد أخذه النتيجة من طول الرحلة وعناء البحث، وتعيينه منهج التذوق"، فالتعيين هنا لا يفيد المعنى المقصود، إلا أن يكون مقصودا به أن تقول عينت الشيء أي جعلته عينا ظاهرا، وهذا معنى بعيد. أما إن كان يقصد به التحديد، فالأنسب أن تقول: "واختياره المنهج"، لأن التحديد وحده لا يكفي، وأنت قلت من البداية "بعد أخذ النتيجة"-وإن كانت العبارة قلقة- أي أنه صار إلى النتيجة، وهي شيء يكون بعد تحديد الهدف والعمل بمقتضاه. فكان أفضل لو قلت "بعد رحلة طويلة، وبحث شاق، ألزمه به اختياره لمنهج التذوق. جنى ثماره..". فأظن المعنى سيكون بلغ المقصود منه، إن كنتُ فهمت قصدك جيدا.

 

• "وجد أن عبد القاهر الجرجاني قد سبقه إليه ولو لم يكن بصراحة ما قاله هو"، لم أستوعب ما تقصده بالجملة الأخيرة. فهي محتملة معنيين، لنا رأي في كل واحد منهما. فإن كنت تقصد: أن الأمر لم يكن على التحقيق كما قال الشيخ محمود محمد شاكر، بل كان تواضعا منه؛ فهذا شيء آخر ينبغي أن نتحقق منه فنعلم: أهو صحيح أم لا؟؟ ويدل على هذا الرأي ما ذهبت إليه حين قلت "مضى الأستاذ شاكر، يبين المنهج الذي هو خفي والجرجاني يظنه ظاهرا" وهذا أمر سأناقشه في حديثي عن الجانب المعرفي من الدراسة. وإن كنت تقصد به أن الجرجاني لم يصرح بذلك في ما كتب؛ فكان حق الجملة أن تكون هكذا "وإن لم يكن قد صرح الجرجاني بذلك".

 

• "أما اليوم فإن من قومنا من أخذ هذه الصورة عن المستشرقين، وصار يهذي بها بين ظهرانينا، ولا يمكننا تجاهلهم حتى نعرف ثقافتنا حق المعرفة، ليؤول في مسامعنا هذيانهم شيئًا مجهولًا كما نجهل نباح الكلاب وطنين البعوض!" وأظنك تقصد بالمجهول ما يكون "مُتجاهَلا"، وفرق كبير بينهما. فالجهل يأتي من عدم المعرفة، والتجاهل يكون حين تقصد أن لا تعير الشيء اهتماما، وكأنك لا تعرفه ولا تحس بوجوده -وأنت في ذلك تعرف، فتدعي الجهل-، وهذا ما تقصده، فكان أحسن لو قلت "ليؤول في مسامعنا هذيانهم -وإن كان التقديم والتأخير يقلل المعنى، ويوهم القارئ أن أسماعنا وحدها التي يكون فيها هذا الشيء "متجاهَلا"، وفي الحقيقة شيء غير ذلك. أو يظن أحد أن أسماعنا تحوله شيئا متجاهلا، أي لا يكون كذلك حتى يصير فيها، فإن يكن هذا فربما في آذاننا داء هو سبب ذلك كله، وهذا ما يقول به هؤلاء الذين نسمع كلامهم على هذه الطريقة- شيئا متجاهلا، كما نتجاهل نباح الكلاب..". أما طنين البعوض، فلم أجد الناس -فيما أعلم- يستعملونه في مثل هذا، لأن البعوض إذا صوَّت دل على نفسه، إلا أن يكون طنينا مجردا يتحدث عنه المهتمون بأمر الحشرات في وقت خاص، فيكون مزعجا. ثم لأنه لا يُتَجاهلُ؛ فهو يشغل الناس إذا يمتص من دمائهم. ولكني وجدت الناس دأبوا على ذكر طنين الذباب في ذلك، فهي التي لا معنى لها إلا الإزعاج المجرد الذي يمكن أن يلتفت عنه الإنسان فما يضيره. فمن ذاك قول أبي عيينة في الهجاء:

فَدَعِ الوَعِيدَ، فَمَا وَعِيدُكَ ضَائِرِي
أَ طَنِينُ أَجْنِحَةِ الذُّبَابِ يَضِيرُ

 

وقال عنترة:

وخَلاَ الذُّبابُ بِها فَلَيْسَ ببارِحٍ
غَرِداً كَفِعْلِ الشَّارِبِ المُتَرَنِّمِ
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ
قَدْحَ المُكِبِّ عَلَى الزِّنادِ الأجْذَمِ

 

وهؤلاء أهون على الحق من أن يكونوا بعوضا. فهون عليك أخي، ففيهم قال أبو الطيب:

ومَنْ يكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مريضٍ
يَجِدْ مُرَّا به الماءَ الزُّلالا
ومَا انتِفاعُ أخي الدنيا بناظِرِهِ
إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُّلَمُ

 

2- في الاستدراك على بعض ما ورد في القراءة:

وفي هذا الجانب أثبت الأشياء التي رأيتُني أخالفك فيها - واعذرني - لأني لم أر الشيخ رحمه الله يقصدها، ولا فهمت مما قرأت له -بفضل الله- أنه يعني ما ذهبت إليه في هذه القراءة القيمة. وهي هَنَاتٌ قليلة مقارنة مع سائر القراءة مما وُفقت فيه إلى الصواب، فإلا يكن لك أجر الاجتهاد والإصابة؛ فلك - إن شاء الله - ثواب الاجتهاد. وليس ثمة شيء أدل على الإنسانية من الخطأ، و"كل ابن آدم خطاء".

 

فمن شروط القراءة تأدية المعنى كما هو، دون تدخل بزيادة أو نقصان، وأن يقدم المعنى في سياقه تاما غير مختل، فلا يُلَخَّص ما لا يتم المعنى إلا به.

 

وأستأذنك في أن أتجرأ -مرة أخرى-، فأذكرك ببعض ما أعرف أنك اعتمدت عليه في بناء مقالك القيم. ثم سهوتَ عنه في لحظة تأثر، أو أغفلته في لحظة انفعال وانتصار للأمة -وكلُّ خطأ بعد حرصك على ما ينفع الأمة مغتفرٌ- فملتَ به -من غير قصد- عن قصد الشيخ رحمه الله. ثم ائذن لي في أن أحدثك عن أشياء اجتهدت في تأويلها، فخالفتَ الطريق التي سلكها الشيخ. وغفر الله لنا جميعا. وهذه جملة ما رأيتُني أخالفك فيه، عسى أن أكون مصيبا، والله الموفق:

• "مضى الأستاذ شاكر، يبين المنهج الذي هو خفي والجرجاني يظنه ظاهرا"، لم يقل شاكر رحمه الله إن الجرجاني كان يظن هذا المنهج ظاهرا. بل قال إن أسلافنا قد طبقوا هذا المنهج في كل ما كتبوا، وخص من بينهم عبد القاهر الجرجاني -رحمه الله- الذي كان قد بلغ من منهج التذوق مرتبة عظيمة، دون أن يكشف عنه. وسبب ذلك أن الناس جميعا كانوا يسيرون عليه، فلا يكون هناك داع ليفصل فيه أحد منهم. وإذن، فالجرجاني رحمه الله لم يتوهم؛ وإنما كان الأمر شيئا واضحا للجميع في وقته، فلما مضى من يتذوق، وفتكت بالأمة المصائب والمهالك؛ انطمست أغلب تلك المعالم، فلم يتبينها إلا أفراد معدودون على أوقات متفرقة، وذكر منهم عبد القادر البغدادي صاحب الخزانة في المتأخرين. فمنهج التذوق لم يكن أبو فهر رحمه الله قد أنشأه ابتداء من نفسه، ولا ادعى أنه أبو عذرته، وإنما هو منهج أسلافنا في تذوق الكلام، وفهم كل بيان، وهو أصل من أصول هذه الأمة، لم يكن له فيه إلا أنه جمع شتاته، وأقام عماده، وأظهره للناس منهجا قائما على أصوله. يقول رحمه الله (في ص08 من الرسالة):" ولا أزعم، معاذ الله، أني ابتدعت هذا المنهج ابتداعا بلا سابقة ولا تمهيد، فهذا خطل وتبجح. بل كل ما أزعمه أني بالجهد والتعب، وبمعاناة التفتيش في هذا الركام من الكلام، جمعت شتات هذا المنهج في قلبي، وأصلت لنفسي أصوله، مع طول التنقيب عنه في مطاوي العبارات التي سبق بها الأئمة الأعلام من أصحاب هذه اللغة وهذا العلم، في مباحثهم ومساجلاتهم ومثاقفاتهم وما يتضمنه كلامهم من النقد والاحتجاج للرأي. وكل ما وقفت عليه من ذلك، كان خفيا فاستشففته، ودفينا فاستنبطته، ومشتتا فجمعته، ومفككا فلاءمت بين أوصاله، حتى استطعت بعد لأي أن أمهد لفكري طريقا لاحبا مستتبا يسير فيه، أي صيرته "منهجا" التزمت به فيما أقرأ وما أكتب". فإن كان الأمر كذلك، فهو لم يكن متواضعا حين تحدث عن الجرجاني -إن صح ما فهمتُه من عبارة " ولو لم يكن بصراحة ما قاله هو"، وإنما يتحدث عن المنهج كما وجده عند السلف والجرجاني خاصة. فإن فهمناه خلاف هذا؛ فقد أسقطنا الحقيقة التي جاهد الشيخ حياته كلها من أجلها، وهي أن هذه الأمة أمة متذوقة، أصولها لا يمكن أن تقوم بغيره، إذ الأمر كله ينتهي إلى آية القرآن الكريم، وإلى الشعر الجاهلي قبله.

 

• وقلت " تعقب دعوى المستشرق(ديكارت)بلزوم تجرد الباحث من كل شيء يعلمه من قبل" وأخرجتها من سياقها الأصلي في الرسالة، فهو يتحدث هنا عن طه حسين -رحمه الله وغفر له- لا عن ديكارت، وقد قال في الصفحة 29- 30: [ ولا يغررك ما غَرِيَ به (أي أولع به) بعض المتشدقين المموِّهين: "أن القاعدة الأساسية في منهج ديكارت، هي أن يتجرد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل بحثه خالي الذهن خلوا تاما مما قيل"]، وهو يقصد بالمتشدق المموه طه حسين بلا شك. والنص الذي يناقشه مأخوذ من كتابه "في الشعر الجاهلي" (ص 21 من طبعة تونس 2004). وهنا أمران لا بد من أن ننظر فيهما: أمر ديكارت، وقول الشيخ في الشك عند طه حسين. ف"ديكارت" ليس مستشرقا أبدا، ولكنه فيلسوف معروف، فهو من طبقة أرفع في قومه من المستشرقين، لأن هؤلاء إنما يسرقون الكتب ليبلغوها إلى العلماء والفلاسفة ممن سيعملون بها. وهو بلا شك قد استفاد منهم كثيرا في تأسيس منهجه في "الشك". وقد وُجِدَت في مكتبته نسخة من كتاب أبي حامد الغزالي "المنقذ من الضلال"، وقد قرأه كثيرا، فكلما وجد عند الغزالي شيئا يناسب منهجه سطر عليه وكتب تحته "ينقل إلى منهجنا". فمن شاء أن ينظر في أصول منهج الشك فليقرأ المنقذ من الضلال للغزالي رحمه الله، ففي ذلك ما يبَغض الاستشراق إلينا أكثر من أن ننسب إلى رجل شيئا لم يدَّعه، ولم يفعله.

 

أما طه حسين، فقد فهم من منهج الشك وجها واحدا، وعمل بجزء مما يقتضيه وأغفل بقية القاعدة. ليتم له عمله في الشعر الجاهلي كما يريد -غفر الله له-، فالقاعدة تقتضي أن لا يتلقى الدارس على الإطلاق شيئا على أنه حق لم يتبين بالبداهة أنه كذلك، بمعنى أن يبذل الجهد في اجتناب التعجل وعدم التثبت بالأحكام السابقة، وأن لا يدخل في أحكامه إلا ما يتمثل لعقله في وضوح وتميز يزول معهما كل شك. فركز على الجانب السلبي للقاعدة في طرح الأفكار السابقة، وأغفل الجانب الإيجابي الذي يسعى ديكارت أن ينتهي إليه، وهي حالة المعرفة واليقين، حيث تنكشف حقائق الأشياء. فهو إنما يؤكد خروجه عن ديكارت في نهجه، فالمفكر لا يكون ديكارتيا بمجرد أن يشك، أو يطرح الأفكار السابقة للعلماء، إنما يكون كذلك حين يسلك إلى إثبات الحقائق طريقا آمنا يقبله العقل، ومنهجا راسخا قويا لا يترك للشك مجالا.

 

فإذا نظرنا في صياغة هذا الجزء السلبي من القاعدة، وجدناه أمرا غير ممكن التحقق أبدا، بل هو ضرب من المحال. وعن هذه الإحالة يقول أبو فهر في الرسالة ص 30:" هبه يستطيع أن يخلي ذهنه خلوا تاما مما قيل، وأن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، أفمستطيع هو أيضا أن يتجرد من سلطان اللغة التي غذي بها صغيرا، وبها صار إنسانا ناطقا بعد أن كان في المهد وليدا لا ينطق؟ أفمستطيع هو أن يتجرد من سطوة الثقافة التي جرت منه مجرى لبان الأم من وليدها؟ أفمستطيع هو أن يتجرد كل التجرد من بطشة الأهواء التي تستكين ضارعة في أغوار النفس وفي كهوفها، حتى تمرق من مكمنها لتستبد بالقهر وتتسلط؟ كلام يجري على اللسان بلا زمام يضبطه أو يكبحه، محصوله أنه يتطلب إنسانا فارغا خاويا مكونا من عظام كسيت جلدا، لا أكثر". فعسى أن يكون هذا الحديث مبينا للقضية، مُزيلا اللبسَ.

 

• وحين تحدثت عن طوري الثقافة، ذكرتهما ذكرا خاطفا، وحذفت من الطور الثاني معنى لا يتم إلا به. فالطور الأول "إسار التسخير": أصول ثابتة مكتسبة تنغرس في نفس الإنسان منذ مولده ونشأته الأولى حتى يشارف حد الإدراك البين. وهو جماع ما يتلقاه الطفل من أسرته ومحيطه بما في ذلك اللغة، مما يتلقاه كما يتلقى الدين، فيكون ذلك عنده أشبه بالمسَلَّمِ به. والطور الثاني "طلاقة التفكير": فروع منبثقة عن هذه الأصول الثابتة المكتسبة بالنشأة. وهي تنبثق حين يخرج الناشئ من إسار التسخير إلى طلاقة التفكير. وفي هذه المرحلة يأخذ الإنسان ما حوله بحذر بالغ، ويعيد النظر في جميع ما تلقاه في طفولته، ويُعمل فيها الشك حتى يهتدي أو يضل. وحتى إذا ضل وصار يرفض الدين؛ فإنه يواجهه بناء على ما تلقاه من قبل، فلا يستطيع الفكاك منه. وهذا الحذف ذهب بشيء من الطور الأول، وأبقى شيئا غير ذي بال من معنى الطور الثاني.

 

• وحين تحدثت عن أعلام النهضة الخمسة، اكتفيت بذكر أسمائهم. ولم تذكر عنهم شيئا. فلو ذكرت شيئا مما تميزوا به. لأن الشيخ رحمه الله إنما أوردهم هكذا، لأن كل واحد منهم قد تميز في جانب من جوانب النهضة. وبرع في فن دون غيره.

 

فعبد القادر بن عمر البغدادي (1030- 1093 هـ)، صاحب خزانة الأدب "ألف ما ألف ليرد على الأمة قدرتها على التذوق، تذوق اللغة والشعر والأدب وعلوم العربية".

 

ومحمد بن عبد الوهاب (1115- 1206 هـ)، "هب يكافح البدع والعقائد التي تخالف ما كان عليه سلف الأمة من صفاء عقيدة التوحيد، وهي ركن الإسلام الأكبر، ولم يقنع بتأليف الكتب، بل نزل إلى عامة الناس في بلاد جزيرة العرب، وأحدث رجة هائلة في قلب دار الإسلام".

 

وحسن بن إبراهيم الجبرتي (الكبير) العقيلي (1110- 1188 هـ)،" اهتم بالعلوم المستغلقة على أهل زمانه، فجمع كتبها من كل مكان، وحرص على لقاء من يعلم سر ألفاظها ورموزها، وقضى في ذلك عشر سنوات، حتى ملك ناصية الرموز كلها، في الهندسة والكيمياء والفلك والصنائع الحضارية كلها".

 

ومحمد بن عبد الرزاق الحسيني المرتضى الزَّبيدي (1145-1205 هـ) صاحب تاج العروس، هب "يبعث التراث اللغوي والديني وعلوم العربية وعلوم الإسلام، ويحيي ما كاد يخفى على الناس بمؤلفاته ومجالسه".

 

ومحمد بن علي الخولاني الشوكاني الزيدي الشيعي (1173- 1250 هـ)، هب "محييا عقيدة السلف، وحرم التقليد في الدين، وحطم الفرقة والتنابذ الذي أدى إليه اختلاف الفرق بالعصبية".

 

وقد نقلتُ كلام الشيخ رحمه الله، وهو مختصر في أصله. فانظر هناك، ص 82 وما بعدها.

 

• وقلت: "وهذه المبادئ مقدسة يذلل لها كل عسير، ويقدم لها كل قربان = ولو كان خمسة من المشايخ أو ستة يُذبحون على مشهد الناس، ليدخلوا في دين (الماسون) أفواجا..!! كما فعل نابليون." فذكرت الماسونية، ولم يذكرها الشيخ قط في كل ما قرأت مما كتب. ولا أظنه فعل. وقضية الماسونية حديث آخر، لا يتسع له المقام هنا. والأهم أن الشيخ رحمه الله، لم يكن ملتفتا إلى تلك الألفاظ الغامضة التي تخفي كثيرا من الأشياء وهي توحي بعكسها. وضُمَّ إلى ذلك قضية أمريكا وتوقع الشيخ شاكر، فهذا شيء مما لم يذكره يوما. وإنما ذاك أمر كل طغاة الدنيا وظُلامها، وهو يتحدث عنهم عموما. فأيهم ألبسته ذاك اللبوس ناسبه، والظلم ملة واحدة.

 

وبعد:

فقد كنت قدرت لهذا الكلام أن يكون مختصرا، يكون تعليقا على المقالة القيمة. ثم تشعبت بي الطرق والمسالك، وطال الحديث حتى وجدت ما أردته تعليقا مقالة قائمة بذاتها. فما أدري ما يسمى هذا الضرب من التعقيبات!!

 

وها أنذا في ختام هذه الكلمة، أعتذر إليك مجددا أيها الفاضل، داعيا الله أن أكون قد وفقت في هذا الذي قصدت. وقد ترددت في الكتابة، وداخلني في ذلك من الخمول والتسويف ما لازمني منذ زمن. ثم حملني عليها واجب العلم، وخوف عذاب الله إن أنا عرفت شيئا فلم أبح به. وألح علي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي افتتح به الشيخ الرسالة "ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس، أن يقول بحق إذا علمه". ثم استشرت في الأمر أخوين من أقرب الناس إلي، فأشارا علي أن أكتب، فتوكلت على الله.

 

جزاك الله خيرا، فقد فتحت لنا بابا من القول في الرسالة، ونافذة لمراجعة ما في قلوبنا منها. عسى أن ييسر الله لنا، فأنفض عني ثوب الكسل الذي لا أراه يفارقني إلا ليُجَدَّد إذا بَلي، أو يغسل. ثم يعود!!

 

ربنا إنا مخطئون فتجاوز عنا سيئاتنا، مُفَرطون فاغفر لنا واستر عيوبنا يا رب العالمين. اللهم اكفنا سوء الظن، وظن السوء، وعمل الشر وشر العمل. اللهم إنا فقراء إليك فأغننا، واغفر لنا وارحمنا. اللهم يسر وأعن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة في كتاب: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا
  • تعقيب على خطة بحث دكتوراه حول الوعي المهني للإخصائي الاجتماعي
  • عرض كتاب: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا
  • وجدت ثقافتي في "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"

مختارات من الشبكة

  • صلاة قيام رمضان أول الليل وآخره، هل هو من التعقيب؟(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • تعقيب على تعقيب الشيخ القاري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعقيب على مقالة الدكتور محمد عبيد(مقالة - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • بين السيد المسيح والنبي محمد في القرآن والإنجيل (تعقيب على مقالة 1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ببليوجرافيا مقالاتي التحليلية القرائية (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • رسالة في التعقيب على تفسير سورة الفيل للمعلم عبد الحميد الفراهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بقايا الحصاد، بحوث ومحاضرات لمحمد عبد الرحمن الربيع(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب